و بعد ان بلغوا من العمر عتيا



كثير من الشباب ممن يتطوعون في الأعمال الخيرية يهتمون بزيارة دور الايتام والقوافل وزيارة الاطفال في المستشفيات خاصة معاهد الاورام وكل ذلك عمل عظيم لا جدال عليه اسأل الله ان يتقبل منهم .

لكننا في هذه المرحلة العمرية  نحتاج بشدة إلى زيارة دور المسنيين. وزيارة اقاربنا من المسنيين حتى لو كانت المعرفة سطحية بالاضافة إلى ثواب صلة الرحم إلا انّ هناك نقطة اخرى. نحتاج لأن نرى النهاية ونحن في البداية ،ولا اعلم هل هي البداية فعلا ام هي المنتصف ام اننا قاربنا على النهاية ولكن غرّنا شبابٌنا بأن الموت بعيد عنا ! ،فلابد من تذكرة النفس وردعها وتأديبها برؤية النهاية لكي ترجع عن غرورها وفتنتها بالدنيا ومافيها.

فنرى الفتاة الجميلة التي فُتنَت بحُسنِها وحَسبِها ونَسبِها وكانت تتعالى وتتكبْر على الخلق وكأن لا يوجد في الكون من يضاهيها في الجمال والحسب والنسب ، وظلمت الكثير بسخريتها ممن اقل منها فيما اعطاها الله ،ورفضت الكثير من العرسان باعتبار أنهم (مش قد المقام ) فاختارت أن تبقى وحيدة طول الحياة بلا زوج ولا ذرية ولا اسرة وكتبت على نفسها ان تكون وحيدة .

فنراها بعد ان بلغت من العمر عتيا .اين ذهب الجمال ؟! اين الحسب؟! اين النسب؟! كيف حالها بلا ذرية ولا زوج .فلا نقول ان هذا هو قدرها وأن الله كتب عليها ان تظل بلا زوج ولا اسرة (ما كان ربك بظلام للعبيد ) هي التي اختارت ان تتباهي بما اعطاها الله من نِعَمِه ونسيت ان كل شئ يعطيه لعبده يأخذه في ثانية إذا ما أحسن العبد شكر النعمة .

ونرى من اعطاه الله القوة في شبابه ،فتكبروطغى بين العباد وبطش بقوته وسلب حقوق الناس استغلالاً لقوته وضعفهم ،فرح بقوته وكأنها باقية نسي انها من الله ، فنراه بعد ان بلغ من العمر عتيا. اين ذهبت قوته ؟! ماذا بقى له ؟ اين عمله الصالح ؟ اين عباد الله الذين ظلمهم وبطش عليهم بقوته ؟ من يسأل عنه بعد ان سلب الحقوق وظلم الناس ؟! من بجانبه ؟! من يتمنى له دوام الصحة والعافية  ؟! يحتاج لأن يمد احدهم اليه يده ولكن لا حياة لمن تنادى ، عذرا فماذا زرع الأمس ليحصد اليوم ؟! زرع ظلما وكراهية فماذا يجني غير ذلك ؟!

نرى من رُزق بالمال ، فلنتساءل ما كان مصدره ؟هل حلال ام حرام ؟فيما انفقه ؟ كيف استغل هذا المال ؟ في الإستعلاء على البشر وتسخيرهم لخدمته وخدمه مصالحه كأنه اشتراهم بماله والتفنن بإذلالهم لأنه صاحب المال ؟
ام كان المال حلال واستغله في الصدقات وتفريج كروب العباد ؟! فنرى بعد ان بلغ من العمر عتيا ، اين ماله ؟ اين عمله الصالح ؟ ماحاله الآن ؟ هل نفعه ماله اذا كان من مصدر حرام ؟! ومن كان مصدر ماله حلال وما بخل في الصدقات وما منّ على الله بها والعياذ بالله ، كيف كانت صدقاته عونا له عند كبر سنه ؟ كيف حال وجهه هل في وجهه نورا ام ظلمه وغضب من الله ؟ ، فمن يحبه الله ويرضى عنه يجعل في قلبه نورا ينعكس على وجهه يعجب العباد لهذا النور .

عندما نسمع عن قصص الأبناء العاقين بأبائهم ووضعوهم في دور المسننين ولم يسألوا يوما عندهم بعد ذلك ،وقبل ان نعيب على الابناء على عقوقهم ، فيجب ان نتساءل كيف حال هؤلاء الأباء مع أبائهم وامهاتهم فكما تدين تدان ، خاصة فيما يخص ببر الوالدين ، فما نفعله اليوم مع ابائنا وامهاتنا سيرد لنا غداً لا محالة ،فإن كنت اب أو ام فلا تخشى ان يعقوك ابنائك إلا اذا كنت عاق لوالديك .

وبعد ان رأينا النهايات فعلينا ان نختار طريقنا ونحن ننظر إلى النهاية لنراها ،ما أسرع الأيام وما العجز والشيب عنّا ببعيد ،فيا تٌرى هل سوف نترك انفسنا مغترين بمرحلة الشباب وكأنها لن تنقضى ام سوف نتعظ ممن اكبر منّا سنّاً ، وسوف نظل ندعو ونلح على الله ( اللهم اجعل اوسع رزقك علينا عند كبر سني وانقطاع عمري ) .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مذكرة فقه اليوم والليلة (مذكرة مكاني )

عن سحر الكتابة اكتب .... (خواطر)